الكافية لمنع اختلاط الأنساب، يجوز للطبيب الكشف على حالة النطف الملقحة لاستبعاد المريض منها؛ لأن في ذلك مصلحة بين الزوجين معتبرة للطفل ووالديه والمجتمع.
أما الكشف على النطف السليمة بغية اختيار جنس معين منها الذكر أو الأنثى، فلا مانع منه إذا اقتضته مصلحة استبعاد مرض معين؛ لما في ذلك من المصالح المشروعة أيضاً، وكذلك إذا اقتضته رغبة خاصة للزوجين؛ لأن فيه مصلحة مشروعة، إلا أن ذلك يجب أن لا يتعدى حالات فردية، ولا يعمم على نطاق واسع، ولا يجعل قاعدة لدى قطاع عريض من الناس؛ لأن في تعميمه إخلالاً بالتوازن بين الجنسين (الذكور والإناث)، وفي ذلك مفسدة كبرى لا يجوز اللجوء إليها.
وشرط ذلك كله أن تُجرى هذه العمليات في ظروف مأمونة، وعلى أسس علمية، وبمقاصد حسنة لا يُبتَغَى بها مصالح أو أمور غير مشروعة.
كل ذلك مع الاعتقاد بأن الله تعالى هو خالق الذكر والأنثى، وأنه لا تغيير لخلق الله، قال الله سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: ٤٩ - ٥٠].
وبشرط أن لا يستفاد من النطف المحفوظة أو المجمدة مرة ثانية إلا إذا كان الزوجان على قيد الحياة، والزوجية بينهما قائمة، وبموافقتهما وحضورهما، وتجنب الخطأ في نقل البويضة الملقحة إلى غير الزوجة التي أُخذت منها. والله أعلم.