للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وخاتم رسل الله أجمعين، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن الستر على المخطئ والمذنب من صفة المؤمنين وعباد الله المتقين، مع النصح له في الخفاء، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والقول اللين، على أن تكون النصيحة في جو من التوجيه لتأخذ طريقها إلى الأفهام والقلوب ويظهر أثرها في السلوك والأخلاق، فكم من عاص استقام أمره، وكم من منحرف انصلح حاله، وسبحان مقلب القلوب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم (١).

وقد حرَّم الله سبحانه وتعالى على المسلمين سوءَ الظنِّ بالآخرين، والتجسس عليهم، فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢) يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢) يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٢ - ١٣]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إياكم والظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخواناً» متفق عليه (٢).

كما أمر الإسلام بالستر على العاصي ما دام لم يجاهر بالمعصية، بل يغلب عليه الخجل والحياء منها، لئلا تشيع الفاحشة ويعم ضررها، قال تعالى: {إِنَّ


(١) رقم (٥٥).
(٢) البخاري (رقم ٥١٤٣)، ومسلم (رقم ٢٥٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>