وهذه المرتبة أعلى مراتب الشهادة، وهي الشهادة التي يحرز بها أهلها منازل الشهداء في الآخرة، ويطبق عليها حكم الشهادة في الدنيا، فلا يغسلون، ولكن يكفنون بثيابهم، أما الصلاة عليهم فقد اختلف الفقهاء فيها، واللجنة ترجح الصلاة عليهم.
أما شهيد الآخرة، فهو كل مسلم قتل ظلماً في غير الحالات المتقدمة، أو مات دون قتل بسبب شدة إصابته، كالمطعون والمبطون، والغريق في غير معصية، وصاحب الهدم، ومن مات بالسل، ومن تردى من رأس جبل، والمرابط، وطالب العلم، ومن مات في الحج، والمجنون، والنفساء من غير زنا، واللديغ، وفَريس السَّبُع، ومن مات غريباً عن بلده من غير معصية، والمرأة تموت وولدها في بطنها من غير زنا، فهؤلاء وأمثالهم في مرتبة دون المرتبة الأولى، فينطبق عليهم لفظ الشهيد حكماً لا حقيقة، ولا يعاملون في الدنيا معاملة الشهيد، وعلى ذلك فيغسلون، ويكفنون، ويدفنون كباقي أموات المسلمين، ويُصلى عليهم.
وأما شهيد الدنيا، فهو من قتل على يد الأعداء في القتال وقد غَلّ من الغنيمة، أو قاتل رياء، أو لغرض من أغراض الدنيا، فيكفن في ثيابه ولا يغسل، ويُصلى عليه في القول الراجح، وأمره إلى الله تعالى.
ب - ينطبق على هؤلاء ما تقدّم من تعريف الشهداء ومراتبهم، وعلى ذلك فلا يمكن أن يعد كل من ورد اسمه في لائحة الأسرى والمرتهنين والمفقودين شهيداً في حال موته، إلَّا من انطبقت عليه التعريفات السابقة، فإذا ثبت أنه مات في الأسر بسبب مرض أو غيره فهو شهيد الآخرة، لأنه مات غريباً، وإذا مات بقتل ظالم، فهو شهيد الدنيا.
ج - إذا عُلم أن جثة المسلم التي عثر عليها غسلت قبل الدفن، أو أنها جثة شهيد لا يحتاج إلى تغسيل، فتدفن بلا تغسيل، وإن علم أنَّها جثّة دفنت بغير