وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: ٧٠]. وعليه فقد حرَّمَ الفقهاء نبش القبور بعد دفن الموتى فيها، حفظاً لكرامتهم، ولحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كسْرُ عظم الميت ككسره حياً» رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد (١)، فإذا اقتضت الضرورة أو المصلحة الغالبة ذلك جاز النبش توفيراً للمصلحة، وعلى قدرها؛ للقاعدة الفقهية الكلية:(الضرورات تبيح المحظورات)، والقاعدة الكلية:(الحاجة تُنَزَّلُ منزلة الضرورة عامّة كانت أو خاصّة).
وعليه: فإن اللجنة ترى أنه لا مانع من أن تقوم السلطات المختصة بنبش القبور المشار إليها لمعرفة أصحابها ومطابقتها لمعرفة مصير الأسرى، كما ترى جواز نبش القبور الجماعية التي يعرف بعض أصحابها ويكون فيها من هو مجهول الهوية للتحقق من شخصيته؛ وذلك لما في هذا كله من المصلحة الغالبة، ثم إن هنالك مصالح كثيرةً قد تترتب على التأكّد من موت إنسان معين، منها قضاء ديونه وتنفيذ وصاياه، وتقسيم تركته، وغير ذلك.
إلَّا أن اللجنة توجب على الجهات الرسمية المختصة التي تقوم بهذا النبش أن تحافظ قدر الإمكان على كرامة الموتى، وتبتعد عن كل ما يعدّ امتهاناً لهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة الأحياء من جراء ذلك على قدر الإمكان كما توجب نقلهم وإعادة دفنهم في المقابر المعدة لذلك بعد تحقق المصلحة بعد النبش حفاظاً على كرامتهم. والله أعلم.