الشام، ثم إن التحامل على معاوية رضي الله عنه ظلم وأي ظلم، فإنه كان كاتب وحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما أنه حمل راية الجهاد في سبيل الله في البر والبحر، حتى إن رقعة دار الإسلام اتسعت في عهد خلافته بما لم تتسع في عهد غيره ممن جاء بعده، وقال الإمام أحمد رحمه الله في معاوية رضي الله عنه: تراب في أنف معاوية خير من عمر بن عبد العزيز، وقال: ما تنقّص أحدُ أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا وله داخلة سوء. وقال عبد الله ابن المبارك عن إبراهيم بن ميسرة: ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً إلا إنساناً شتم معاوية، فإنه ضربه أسواطاً.
وكذلك لا يتصور إقدام صحابي مهما كان على تخبيب (إفساد) امرأة على زوجها وهي في عصمته، مع أن الإسلام يحرم خطبة المعتدة ولا سيما إن كانت في طلاق، بل حرم التعريض لها إن كانت في عدة طلاق، وإذا كانت هناك بعض الخلافات بين الصحابة؛ فالأدب يقتضي أن لا نثيره، وأن نكف عما جرى بينهم، ونعتقد أنهم كانوا مجتهدين في اختلافهم، كل منهم يريد الحق، فإن الله تعالى أوصانا أن نتقي الفتن، وتلك فتن قد خلت، كما قال سبحانه وتعالى:{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة: ١٤١].
ومن المستبعد وقوع مثل هذه الحادثة تاريخياً، فإن عبد الله بن سلام توفي سنة ٤٣ هجرية، وتولى معاوية الخلافة سنة (٤١) هجرية؛ فمن المستبعد منه -وهو المحنّك الذي يضرب به المثل في السياسة- أنه يبدأ عهده بما يثير الناس عليه ويبغّضهم إليه بما يخالف حكم الشرع.
كما أن من المستبعد انخداع الصحابي الجليل عبد الله بن سلام بمثل هذه الحيلة التي يتنبَّه لها أقل الناس فطنة وذكاء.
ومما يدل يقيناً على أن القصة مختلقة لا أساس لها من الصحة، وأن