الكاتب تابع مختلقها عن جهل أو عن هوى، أنها ذكرت أن اللّذين توليا تنفيذ المؤامرة وأقنعا عبد الله بن سلام بطلاق امرأته هما أبو هريرة وأبو الدرداء رضي الله عنهما، والمعروف تاريخياً أن أبا الدرداء توفي عام ٣٢ للهجرة قبل أن يتولى معاوية الخلافة بتسع سنوات؛ فمتى حصلت القصة؟
وأيضاً فإن الكاتب يذكر أن عبد الله بن سلام ولَّاه معاوية على العراق، والقصة حصلت بعد ذلك، فهل قام أبو الدرداء من قبره لينفذ هذه المؤامرة في خلافة معاوية.
وأيضاً فإن يزيد بن معاوية الذي ذكر الكاتب أنه هوى امرأة عبد الله بن سلام، وأن معاوية خطبها له كان عمره يوم مات أبو الدرداء سبع سنين فقط، لأن يزيد ولد سنة ٢٥ للهجرة، فهل مثل يزيد في هذا السن يتصور أنه يجري منه ما أورده هذا الكاتب؟!.
فهذه القصة إذن من الكذب المختلق المفضوح، ويكفي أنها لم تذكر في شيء من الكتب المعتمدة ولا رويت بسند صحيح أو حتى ضعيف، فهي من قبيل أحاديث الخرافة والتفكُّه. لكن ليس لأحد التفكُّه بما يؤذي المؤمنين والمؤمنات قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب: ٥٨]، وقال:{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء: ١١٢]، فكيف إذا كان من تتعرض له بالأذى بعض صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن آمن بالله ورسوله وجاهد في سبيل الله حتى بلّغ دين الله تعالى إلى أقاصي الأرض، ودخل الناس بدعوته في دين الله أفواجاً، بل كيف يُفعَل ذلك بهم وهم غائبون، والاغتياب من أكبر الذنوب قال الله تعالى:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ}[الحجرات: ١٢]، كيف وقد ماتوا