للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والقيام بأضعف مراتب الإنكار» (١).

سادسًا: أن لا يكون معروفًا بتساهله في الفتوى؛ وقد نصّ الإمام السّمعانيُّ كما مرّ معنا على هذا الشرط، وفصّل فيه القول؛ فقال رحمه الله تعالى: «وللمُتَسَهِّل حالتانِ:

إحداهما: أن يتسهَّلَ في طلب الأدلّة، وطُرُق الأحكام، ويأخذ بمبادئ النّظَرِ، وأوائل الفكر. فهذا مقصّر في حقّ الاجتهاد؛ فلا يحلُّ له أن يفتيَ، ولا يجوز أن يستفتى، وإن جاز أن يكون ما أجاب به حقّاً؛ لأنّه غيرُ مستوفٍ لشروطِ الاجتهاد؛ لجواز أن يكون الصواب مع استيفاء النظر في غير ما أجاب فيه.

والحالة الثّانية: أن يتسهَّل في طلب الرُّخَص، وتأويل الشُّبَه، ويمُعِن النظر؛ ليتوصّل إليها، ويتعلَّق بأضعفها، وهذا مُتَجوِّز في دينه، متعدٍّ في حقّ الله تعالى، و غارٌّ لمستفتيه، عادلٌ عمّا أمر الله سبحانه به في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (٢)، وهو في هذه الحالة أعظم مأثمًا منه في الأُولى؛ لأنّه في الحالة الأولى مُقَصِّرٌ، وفي الثّانية متعدٍّ، وإن كان في الحالتين آثمًا متجوِّزًا، لكن الثّاني أعظم» (٣).

سابعًا: أن يُعرف بفطنتِهِ وصفاءِ قريحتِهِ ونباغته؛ وقد مرَّ معنا قول ابن حمدان الدالّ على هذا المعنى؛ حيث قال: «ومن صفته وشروطه (أي المفتي) أن يكون: مسلمًا، عدلاً، مكلَّفًا، فقيهًا، مجتهدًا، يقظًا، صحيحَ الذِّهن والفكرِ والتصرّف


(١) «إعلام الموقّعين» (٤/ ٢٢٠).
(٢) آل عمران: ١٨٧.
(٣) «قواطع الأدلّة في الأصول» (٥/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>