للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتطهير من النجاسة الحقيقية أمر حكمي شرعي بيّن الفقهاء أسسه وطرقه، اتفقوا في بعضها واختلفوا في بعضها الآخر، وقد أوصل بعضهم طرق التطهير إلى عشرين طريقة، وذلك بحسب نوع المادة المتنجسة، ونوع النجاسة المخالطة لها.

والقاعدة العامة هي أن الأصل في الأشياء - ماء أو غيره - الطهارة حتى يقوم الدليل على نجاستها، أي اختلاط النجس بها، فإذا اختلط النجس بالماء، فإن كان الماء قليلاً نجس عند عامة الفقهاء، وإن كان الماء كثيراً لم يحكم بنجاسته حتى تظهر آثار النجاسة فيه من لون أو رائحة أو طعم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه» (١)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» رواه أبو داود والترمذي والنسائي (٢).

وقد اختلف الفقهاء في مقدار الماء القليل على أقوال، فذهب بعضهم: إلى أن القليل ما كان أقل من قلتين، ويقدر ذلك الآن بـ (١٦٠) ليتراً، وما كان فوق ذلك فهو كثير، وذهب آخرون: إلى أن الماء القليل لا حد فيه، وهو متروك إلى الناظر، فما استكثره الناظر فهو كثير وما استقله الناظر فهو قليل، وقال غيرهم: القليل ما كان سطحه أقل من عشرة أذرع في عشرة أذرع، والكثير ما كان فوقه، ويقدر ذلك بما مساحته (٢٢) متراً مربعاً.

والأصل في المواد المتنجسة أنها تبقى على نجاستها حتى يثبت استخلاص النجاسة منها، وذلك بإخراجها منها عيناً إن كانت مجسدة كأعضاء الحيوان الميت وإزالة أوصاف النجاسة منها وهي: اللون والرائحة والطعم إن كانت مجسدة أو غير مجسدة؛ كالبول والدم المسفوح.


(١) أبو داود (رقم ٦٩).
(٢) أبو داود (رقم ٦٣)، الترمذي (رقم ٦٧)، النسائي (رقم ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>