لا يتعين واحد منها، إلا أنه يندب للإمام أن ينظر ما هو الأصلح واللائق بحال المحارب، فإن خالف الأصلح أجزأ مع الكراهة. إلا أن المحارب إذا قتل تعيَّن قتلُهُ.
وما يفعله الإمام بالمحارب ليس عن شيء معين، وإنما هو عن جميع ما فعله في حرابته من إخافة وأخذ مال وجرح، ولم يعتبر المالكية قتل المحارب من قبيل القصاص، بل للتناهي عن الفساد في الأرض، ولذلك لا يجوز لولي المقتول العفو عنه.
ومن المقرر في أحكام الفقه جواز التعزير بالقتل في بعض الأحوال؛ كقتل الجاسوس المسلم إذا تجسس على المسلمين، وهو قول مالك وبعض أصحاب أحمد، وكقتل الداعي إلى بدعته؛ وذهب إليه كثير من أصحاب مالك وطائفة من أصحاب أحمد.
كما أجاز أبو حنيفة التعزير بالقتل في بعض الحالات: كالقتل تعزيراً فيما لا قتل فيه؛ مثل القتل بالمثقل، والجماع في غير القبل، وكقتل السارق بالعود في المرة السادسة، وهو قول عند الحنابلة، وقتل من عاد إلى الردة في المرة الرابعة.
ولقد قيد القائلون بجواز التعزير بالقتل بقيود:
الأول: العود والتكرار، ولقد عدلت المادة (١٧٩) لتشتمل حالة العود وتكون عقوبتها الإعدام.
الثاني: أن يشرع القتل في جنس الجريمة التي هي محل التعزير؛ كقتل الذمي إذا سب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الثالث: أن تتعين المصلحة في القتل بأن لا يدفع الفساد والشر إلا به قياساً على دفع الصائل بقتله.