للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» رواه البخاري (١).

ولم تقتصر رحمته -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين وحدهم، بل عمت الأمم والأديان جميعاً، وجعلت لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، فلا يُكرَهون على الإسلام بغير رضا منهم، قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٥٦]، بل تعدت رحمته بالإنسان إلى الحيوان الأعجم، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر الله له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً؟ قال: في كل كبد رطبة أجر» (٢).

وقد دعا الإسلام الذي بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- الأمم جميعاً للتعارف بينها، فقال سبحانه: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣].

كما دعا المسلمين إلى أن يبروا بأصحاب الديانات الأخرى، ويقسطوا إليهم، فقال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨].

ودعا إلى احترام الأنبياء جميعاً، وتكريمهم، من غير تفرقة بينهم في ذلك، فقال جل من قائل: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ


(١) رقم (٣٠).
(٢) (رقم ٢٣٦٣)، ومسلم (رقم ٢٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>