للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورحمة لعباد الله تعالى أجمعين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]، فجمع شملهم، ووحد به كلمتهم، وجعلهم أمة واحدة، قال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢]، وأنزل عليه كتابه الكريم القرآن العظيم، ليكون للأمة الإنسانية كلها بشيراً ونذيراً، فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: ٢٨].

ولقد تميز النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بين الأمم كلها بمزيد من مكارم الأخلاق، قال الله تعالى فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].

وكانت دعوته إلى قومه والأمم كافة بالحكمة والموعظة الحسنة، امتثالاً لقوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥]، وقوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران: ١٥٩].

كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشاور أصحابه في كثير مما لم ينزل عليه فيه وحي، امتثالاً لقوله سبحانه: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩].

ولم تكن رحمته -صلى الله عليه وسلم- خاصة بأصحابه فقط، ولكنها كانت تعم أهل بيته أيضاً، فقد روي عنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» (١).

وكان -صلى الله عليه وسلم- رحيماً بالرقيق والخدم فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا


(١) الترمذي (رقم ٣٨٩٥)، وابن ماجه (رقم ١٩٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>