للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأوّل: ينبغي للمفتي أن يذكر الدليل على الحكم الذي انتهى إليه، ويبيِّن مأخذه ما أمكنه ذلك.

وممّن نصّ على ذلك: ابنُ القيّم؛ حيث قال: «ينبغي للمفتي أن يذكر دليل الحكم ومأخذه ما أمكنه من ذلك، ولا يلقيه إلى المستفتي ساذجاً مجرَّداً عن دليله ومأخذه؛ فهذا لضيق عَطَنِه، وقلّة بضاعته من العلم، ومن تأمّل فتاوى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الذي قوله حجّة بنفسه؛ رآها مشتملة على التنبيه على حِكْمَة الحُكْم ونظيره، ووجه مشروعيتّه» (١).

ثمّ قال - بعد أن ذكر أمثلة على ذلك من السنّة النبويّة- «فينبغي للمفتي أن ينبِّه السائل على علّة الحكم ومأخذه إن عرف ذلك، وإلَّا حرم عليه أن يفتي بلا علم» (٢).

وقال أيضاً: «عاب بعض الناس ذكر الاستدلال في الفتوى، وهذا العيب أَوْلَى بالعيب؛ بل جمال الفتوى وروحها هو الدليل؛ فكيف يكون ذكر كلام الله ورسوله وإجماع المسلمين، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم، والقياس الصحيح عيباً؟! وهل ذكر قول الله ورسوله إلّا طراز الفتاوى؟! ... » (٣).

ثمّ استدلّ على ما قرّره بأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الّذي قوله حُجّة كان يُسأل عن المسألة؛ فيضرب لها الأمثال، ويشبّهها بنظائرها؛ فكيف بمن ليس قوله حُجّة؟!


(١) «إعلام الموقّعين عن ربِّ العالمين» (٤/ ١٦١).
(٢) «إعلام الموقّعين عن ربِّ العالمين» (٤/ ١٦٣).
(٣) «إعلام الموقّعين عن ربِّ العالمين» (٤/ ٢٥٩ - ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>