للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بشروطِهِ. والشّرط الثّالث: أن يكون ضابطًا نفسَه من التّسهيل، كافّاً لها عن التّرخيص حتّى يقومَ بحقِّ الله تعالى في إظهار دينِهِ، ويقومَ بحقِّ مستفتيه» (١).

ومع اتّفاق العلماء على هذا الشّرط وأهميّتِهِ .. إلّا أنّك تجدُ عندهم خلافًا عريضًا في المرتبة الّتي ينبغي أن يصلَ إليها الفقيهُ حتّى يسمّى مجتهدًا أو مفتيًا، ولا شكّ أنّ هذا الأمرَ مِن أهمِّ الأمورِ الّتي وَقَفَ عندها العلماءُ لدى بيانِ سبب الخلاف بين الفقهاء والمجتهدين في القضايا الفقهيّة، والنّوازل المعاصرة.

رابعًا: أن يُحصِّل المهمَّ اللّازم من العلوم الشرعيّة الّتي تساعد على فهم النّصوص الشّرعيّة، واستنباط الأحكام الفقهيّة منها، وذلك مثل: علوم اللُّغة، وأصولِ الفقه، والقواعد الفقهيّة، ومعرفةِ مواضع الإجماع، ومعرفة أعراف النّاس وعوائدِهم، وجملة كبيرة من المسائل المختلف فيها، ووجوه النّظر والاستدلال، وكذلك بعض العلوم العقليّة، وما يمكِّن من فهْمِ نصوص الشّرع.

ولأهميّة أصول الفقه ومكانتِهِ في فهم شرع الله تعالى .. عدَّه الأصوليّون أصلَ باب الاجتهاد والفتوى، ولا يمكن للمفتي أو المجتهد أنْ يبلغ هذه الدرجة إلَّا بالتّمكُّن منه، والفهم من خلاله مرادَ الله تعالى (٢).

وأمّا عُرْفُ النّاس وعاداتُهم فقد أشار الإمام ابن القيم إلى أنّ المفتي لا يتمكّن من الحكم بالحقّ إلّا بفهمٍ يتضمّن معرفةَ الواقع وعُرْف النّاس (٣).

خامسًا: أن يكون عدلاً معروفًا بالتزامه وتديُّنِهِ واستقامتِهِ؛ فلا تصحُّ فتيا


(١) «قواطع الأدلّة في الأصول» (٥/ ١٣٣).
(٢) انظر: «البرهان في أصول الفقه» للجويني (٢/ ٨٧٠)، و «الإبهاج» للسُّبكي (١/ ٨)، و «إرشاد الفحول» للشوكاني (ص ٤٢١).
(٣) انظر: «إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين» (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>