للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأولى، وكان التبشير بها تبشيراً شفوياً، مما جعل المجال مفتوحاً للتصرف والتحريف والإضافة والحذف والتقول، حتى انحرفت المسيحية عن مسارها ومنهاجها الأصلي الذي سنه سيدنا المسيح عليه السلام.

والإسلام لم يختلف فيما تعرض له عما تعرضت له المسيحية رغم وجود القرآن نصاً مكتوباً منذ البداية؛ وذلك لأن الإسلام يقوم على القرآن والسنة التي هي قول أو فعل أو تقرير سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذه السنة قد ظلت شفوية مروية غير مكتوبة حتى عهد متقدم من القرن الثاني الهجري، ولعل السبب الرئيس لاهتمام مسلمي القرن الثاني بجمع السنة وتنقيحها تحت باب الحديث، ووضع الشروط الصارمة -كما فعل البخاري- للمتن والإسناد، السبب الرئيس هو انتشار الحديث الموضوع، أي الحديث المكذوب والملفق عن سيد الخلق، هنا المشابهة بين الإسلام والمسيحية، والمشابهة الأخرى التي بين الاثنين هي في تقديس المتقدمين وتنزيههم حتى بلغوا بهم مراتب لا يصل إليها بشر، فالمسيحيون أسموهم بالرسل والملائكة، والمسلمون أسموهم بالنجوم التي نقتدي بأيٍّ منهم، ويكفينا أن نشير إلى أن أول المذاهب الإسلامية -السنّة على الأقل- كان صاحبه أبو حنيفة؛ يقول بالأخذ بتصرف أيِّ صحابي كحجة في أمر ما، حتى وإن تعددت تصرفات ومواقف الصحابة في الأمر نفسه، وذلك في غياب النص أو السنة طبعاً، فأيُّ صحابي حجة وقدوة، وبأيٍّ نقتدي نهتدي.

والأدهى من ذلك كله أن أصحاب المذاهب الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل قد اجتهدوا وبين أيديهم نص الكتاب وليس بين أيديهم صحيح الحديث ككتاب البخاري، وذلك لأن البخاري قد ولد بعد وفاة ثلاثة منهم، والتقى الرابع الذي لم ير (صحيح البخاري)، ولم يأخذ به.

نعم لقد اجتهدوا في حدود ما يسمح به الاجتهاد والعقل البشري في

<<  <  ج: ص:  >  >>