للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في ذلك بقضاء، فربمّا اجتمع إليه النفر كلُّهم يذكر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه قضاءً، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبيِّنا؛ فإنْ أعياه أنْ يجد فيه سُنَّة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَمَع رؤوس الناس وخِيارَهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيُهم على أمر قَضَى به (١).

وعلى هذا المنهج أيضاً سار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ حيث كان يحرص على أن لا يخرج عن رأي جماعة المسلمين ومشورتهم؛ كما يقول أبو حَصَين رحمه الله: «إنَّ أحدَهم ليُفتي في المسألة لو وَرَدَت على عُمرَ لجَمَعَ لها أهلَ بَدرٍ» (٢).

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله -بعد أن ذكر رواية ميمون بن مهران عن أبي بكر في الاجتهاد الجماعي-: «وأنَّ عُمرَ بن الخطاب كان يفعل ذلك، وتقدّم قريباً أنَّ القُرّاء كانوا أصحاب مجلس عمر ومشاورته، ومشاورة عمر الصحابة في حدِّ الخمر تقدَّمت في كتاب الحدود، ومشاورة عمر الصحابة في إملاص المرأة (٣) تقدَّمت في الدِّيَات، ومشاورة عمر في قتال الفُرْس تقدَّمت في الجهاد، ومشاورة عمر المهاجرين والأنصار، ثمّ قُريشاً لمَّا أرادوا دخول الشام وبلغه أنَّ


(١) رواه الدارمي في «سننه» (ح ١٦١)، والبيهقي في «سننه» (١٠/ ١١٤) ورجاله ثقات إلّا أنّ ميمون بن مهران لم يدرك أبا بكر. وصحّح ابنُ حَجَر إسناده إلى ميمون. انظر: «فتح الباري» (١٣/ ٣٤٢).
(٢) رواه العُكْبُري في «إبطال الحِيَل» (ص ٦٢)، والبيهقي في المدخل إلى «السنن الكبرى» (ص ٤٣٤)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٨/ ٤١١).
(٣) أي تلقي جنينها ميتاً، وكل ما زلق من اليد فقد مَلِصَ، انظر «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (٤/ ٧٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>