للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطَّاعون وقع بها ... » (١).

ويقول ابن عبد البرِّ بعد أن ذكر رواية طاعون الشام زمن عمر: «وفيه دليل على أنَّ الإمام والحاكم إذا نزلت به نازلة لا أصل لها في الكتاب ولا في السُّنَّة؛ كان عليه أنْ يَجمَعَ العلماءَ وذوي الرأي ويشاورهم، فإنْ لم يأت واحد منهم بدليل كتاب ولا سُنَّة غَيْرَ اجتهادِه؛ كان عليه الميل إلى الأصلح، والأخذ بما يراه» (٢).

أمَّا بعد زمن الصحابة، وانتشار العلماء من التابعين وتابعيهم في أمصار الإسلام، فقد كان الاجتهاد الفرديُّ سِمَةً لذلك العصر، حيث كان كلُّ عالم من علمائه له منهجه العلميُّ ومجلسه الإفتائيُّ، إلَّا أنَّ الأمر لم يَخْلُ من حوادث تدلُّ على أنَّهم كانوا يلجأون إلى الاجتهاد الجماعيِّ؛ ممَّا يؤكِّد أهمّيَّة هذا النوع من الاجتهاد وأصالته.

ومن أمثلة ذلك: ما ورد أنَّ عمر بن عبد العزيز رحمه الله جمع الناس من رؤوس الأجناد وأشراف العرب يستشيرهم في القسامة (٣).

ويقول الإمام مالك رحمه الله: «أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسُّنَّة، فإذا نزلت نازلة جَمَعَ الأميرُ لها من حضر من العلماء، فما اتَّفقوا عليه من شيء أنفذه» (٤).


(١) «فتح الباري شرح صحيح البخاري» (١٣/ ٣٤٢).
(٢) «التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد» (٨/ ٣٦٨).
(٣) انظر تفصيل ذلك في: «صحيح البخاري» (ح ٦٥٠٣)، «صحيح مسلم» (ح ٤٤٤٨).
(٤) أخرجه ابن عبد البرِّ في: «الاستذكار» (٨/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>