ويشهد لما ذكرنا حديث البراء بن عازب، وهو: الحديث الخامس: قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[لما قدم المدينة] صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يُوَجَّهَ إلى الكعبة؛ فأنزل الله:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}؛ فتوجه نحو الكعبة.
وقال السفهاء من الناس «وهم اليهود»: {مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ}.
فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، ثم خرج بعدما صلى، فمرَّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه توجه نحو الكعبة. فَتَحَرَّفَ القوم حتى توجهوا نحو الكعبة.
أخرجه البخاري «١/ ٧٩ - ٨١ و ٣٩٩ - ٤٠٠ و ٨/ ١٣٨ - ١٣٩»، - واللفظ له، إلا الرواية الثانية؛ فهي للترمذي -، ومسلم «٢/ ٥٥ و ٦٦»، والنسائي «١/ ٨٥ و ١٢١»، والترمذي «٢/ ١٦٩ - ١٧٠» - وقال:«حسن صحيح» -، وابن ماجه «٣١٧»، والدارقطني «١٠٢»، والبيهقي «٢/ ٢ - ٣»، والطيالسي «٩٨»، وأحمد «٤/ ٢٨٣ و ٢٨٩ و ٣٠٤» من طرق عن أبي إسحاق عنه؛ صرح في بعضها بسماعه منه.
فهذا شاهد قوي لرواية تويلة: أن الصلاة كانت صلاة العصر.
قال القاضي أبو بكر ابن العربي في عارضة الأحوذي شرح الترمذي «٢/ ١٣٩»: ووجه الجمع بين اختلاف الرواية في الصبح والعصر: أن الأمر بلغ إلى قوم في العصر، وبلغ إلى أهل قباء في الصبح. وذكر مثله الحافظ ابن حجر في «الفتح».