بن أبي سلمة الأنصاري المدني، كان في المدينة وهو غلام صغير يتلقف الأخبار التي تأتيهم من أخبار الرسول عليه السلام وهو يومئذٍ في مكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، كان هذا الغلام قد أوتي حفظاً عجيباً، فكان كلما سمع شيئاً نزل من القرآن يحفظه حتى فاق بذلك الرجال فقدر أن والده سافر في وفد من أهل المدينة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في مكة قبل الهجرة، فلما رجع الوفد رجعوا ومعهم حكم جديد ألا وهو الحديث السابق:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» قال هذا الغلام: فنظروا فلم يجدوا في المدينة أحفظ مني للقرآن فقدموني أصلي بهم إماماً.
ويقول الراوي: إن عمره سبع سنين أو تسع سنين، يعني: بالكثير يكون عمره تسع سنين، فصلى بهم أول صلاة، صلى الرجال خلفه والنساء خلف الرجال فلما سلم الغلام من الصلاة نادت إحدى النساء من صفوف النساء: ألا تسترون عنا إست إمامكم، كيف ذلك؟ كان عليه شملة، ثوب غليظ لا ينثني وإنما يبقى كقطعة جامدة، فهو كان إذا سجد ارتفع الثوب وهو قصير فالظاهر وقع عين بعض النساء فرأت العورة، وكانوا على صراحتهم المعروفة فنادت: ألا تسترون عنا إست إمامكم؟ قال الغلام: فاشتروا لي ثوباً فما فرحت بشيء كفرحي بهذا الثوب ..
الشاهد: أن الحديث هكذا: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة» إلى آخره.
(رحلة النور: ٢٤ ب/٠٠: ٣٣: ٤٤)
[حديث الأئمة من قريش هل يشمل إمامة الصلاة؟]
-حديث:(الأئمة من قريش). صحيح. [قال الإمام]: (تنبيه) استدل المصنف بالحديث على أن القرشي مقدم في إمامة الصلاة على غيره, كما هو مقدم في الإمامة الكبرى, وفى هذا الاستدلال نظر عندي, لأن الحديث بمجموع ألفاظه ورواياته لا يدل إلا على الإمامة الكبرى, فإن في حديث أنس وغيره: ما عملوا فيكم بثلاث: ما رحموا إذا استرحموا, وأقسطوا إذا قسموا, وعدلوا إذا حكموا. فهذا نص في الإمامة