العلامة ابن القيم الجوزية في كتابه «أقسام القرآن» فهناك أفاد وأجاد. لعل في هذا الكفاية إن شاء الله.
(الهدى والنور / ١/ ٤٥: ٤٧: .. )
[معنى حديث: لا يمس القرآن إلا طاهر]
مداخلة: يسأل السائل فيقول: ماذا تقولون بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمس القرآن إلا طاهر».
الشيخ: هذا الحديث كنا خرجناه بتفصيل فيما أظن في سلسلة الأحاديث الصحيحة وبينا أنه حديث صحيح بمجموع طرقه، ولكن هل هناك دلالة فيه على أنه يعني تحريم مس القرآن من المسلم إذا كان على غير طهارة علمًا أن المسلم طاهر ولو كان جنبًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صح عنه أنه قال:«المؤمن لا ينجس» في حديث أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى جماعة من الصحابة وكان فيهم أبو هريرة، وفي رواية أخرى حذيفة، فانسل أبو هريرة من المجلس ثم جاء ورأسه يقطر ماءً فسأله الرسول عليه السلام عن سبب انسلاله وانسحابه فقال: يا رسول الله! إني كنت جنبًا، كأنه يقول: إني استهجمت أن أجلس معك يا رسول الله، أو أن أصافحك وأنا جنب، فقال عليه السلام:«سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس» يعني: ما كان ينبغي لك أن تتحفظ هذا التحفظ؛ لأن المسلم ولو كان جنبًا فهو طاهر لا ينجس، وإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك.
فحينئذٍ قوله عليه السلام:«لا يمس القرآن إلا طاهر» نفسره بحديث ابن عمر السابق: «لا تسافروا بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو» فلا يمس القرآن إلا طاهر، أي: إلا مؤمن، سواء كان بعد ذلك محدثًا حدثًا أكبر أو حدثًا أصغر.
وهكذا ينبغي فيما نرى أن يفسر هذا الحديث بأنه لا يوجد هناك نص صحيح صريح في عدم جواز مس القرآن ممن كان على الحدث الأكبر أو على الحدث الأصغر.