للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يعلق بها النذور وأحسن حاله أن يكون من باب المباح غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة من بعض غزواته وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين صار فعله كبعض القرب التي من نوافل الطاعات ولهذا أبيح ضرب الدف.

قلت: ففيه إشارة قوية إلى أن القصة خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهي حادثة عين لا عموم لها كما يقول الفقهاء في مثيلاتها والله سبحانه وتعالى أعلم.

[تحريم آلات الطرب ص (١٠٦)]

[حكم الغناء بدون آلة]

قد يقول قائل: ها نحن أولاء قد عرفنا حكم الغناء بآلات الطرب وأنه حرام إلا الدف في العرس والعيد فما حكم الغناء بدون آلة؟

وجوابا عليه أقول: لا يصح إطلاق القول بتحريمه لأنه لا دليل على هذا الإطلاق كما لا يصح إطلاق القول بإباحته كما يفعل بعض الصوفيين وغيرهم من أهل الأهواء قديما وحديثا لأن الغناء يكون عادة بالشعر وليس هو بالمحرم إطلاقا كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن من الشعر حكمة». رواه البخاري وهو مخرج في الصحيحة ٢٨٥١ بل إنه كان يتمثل بشيء منه أحيانا كمثل شعر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

«ويأتيك بالأخبار من لم تزود».

وهو مخرج في الصحيحة ٢٠٥٧، وانظر التعليق عليه في كتابي الجديد: صحيح أدب المفرد ص ٣٢٢، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لما سئل عن الشعر:

صحيح هو كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح.

وهو مخرج في الصحيحة أيضا ٤٤٧، وكذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: صحيح خذ بالحسن ودع القبيح ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعارا منها القصيدة فيها أربعون بيتا ودون ذلك. الصحيحة أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>