قلت: هذا الاحتمال الثاني ضعيف بل باطل لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير النكاح كما في قصة ضماد في حديث ابن عباس وكما في حديث جابر. فتنبه. لكن القول بمشروعية هذه الخطبة في البيع ونحوه كإجارة ونحوها فيه نظر بَيّن ذلك لأنه مبني على القول بوجوب الإيجاب والقبول فيها وهو غير مسلَّم بل هو أمر محدث لأن الناس من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى يومنا هذا ما زالوا يتعاقدون في هذه الأشياء بلا لفظ بل بالفعل الدال على المقصود (١) فبالأحرى أن تكون الخطبة فيها بدعة وأمرا محدثا. وبيوعه - صلى الله عليه وسلم - وعقوده التي وردت في كتب السنة المطهرة من الكثرة والشهرة بحيث يغني ذلك عن نقل بعضها في هذه العجالة وليس في شيء منها الإيجاب والقبول بله الخطبة فيها.
أقول هذا مع احترامي للأئمة واتباعي إياهم على هداهم بل أعتبر أن تصريحي هذا هو من الاتباع لهم لأنهم رحمه الله هم الذين علمونا حرية الرأي والصراحة في القول حتى عن تقليدهم لأنهم كما قال الإمام مالك رحمه الله:«ما منا من أحد إلا رد أو رد عليه إلا صاحب هذا القبر» فجزاهم الله تعالى عنا خيراً.
[خطبة الحاجة ص ٣٦ - ٤٠]
[أهمية نشر خطبة الحاجة وبيان سنية البدء بها في الخطب]
[قال الإمام في خاتمة كتابه خطبة الحاجة]:
أقول: إن القصد من جمع هذه الرسالة هو نشر هذه السنة التي كاد الناس أن يطبقوا على تركها فألفت أنظار الخطباء والوعاظ والمدرسين وغيرهم إلى ضرورة
(١) من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في فصل له عقده لبيان قاعدة عظيمة المنفعة - كما قال هو نفسه - حول هذه المسألة وهو الإيجاب والقبول في العقود وفي المعاطاة فيها ذهب فيه إلى: أنه لا يتقيد فيها بلفظ معين بل هذا من البدع وإنها تصح بأي لفظ وبالفعل الدال على المقصود واحتج على ذلك بالكتاب والسنة واللغة وفي تضاعيف ذلك من الفوائد والتحقيقات ما لا تقف عليها عند غيره فانظر" الفتاوى " ٣/ ٢٦٧، ٢٧٤. [منه].