وغيرهما في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفهم الافتراش على قدمه اليسرى؛ فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له في الصلاة أحوال؛ حال يفعل فيها هذا، وحال يفعل فيها ذاك، كما كانت له أحوال في تطويل القراءة، وتخفيفها، وغير ذلك من أنواعها، وكما توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وكما طاف راكباً، وطاف ماشياً، وكما أوتر أول الليل وآخره وأوسطه وانتهى وتره إلى السَّحَر، وغير ذلك - كما هو معلوم من أحواله - صلى الله عليه وسلم - وكان يفعل العبادة على نوعين - أو أنواع -؛ ليبين الرخصة والجواز بمرة أو مرات قليلة، ويواظب على الأفضل منها على أنه المختار والأولى.
فالحاصل: الإقعاء الذي رواه ابن عباس وابن عمر فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - على التفسير المختار، وفعل - صلى الله عليه وسلم - ما رواه أبو حميد وموافقوه من الافتراش، وكلاهما سنة؛ لكن إحدى السُّنّتين أكثر وأشهر. وهي رواية أبي حميد؛ لأنه رواها وصدقه عشرة من الصحابة - كما سبق- ورواها وائل بن حُجر وغيره؛ وهذا يدل على مواظبته - صلى الله عليه وسلم - عليها، وشهرتها عندهم، فهي أفضل وأرجح؛ مع أن الإقعاء سنة أيضاً.
فهذا ما يسر الله الكريم من تحقيق أمر الإقعاء، وهو من المهمات؛ لتكرار الحاجة إليه في كل يوم، مع تكرره في كتب الحديث، والفقه، واستشكال أكثر الناس له من كل الطوائف، وقد منَّ الله الكريم بإتقانه، ولله الحمد على جميع نعمه». انتهى كلامه رحمه الله.
[أصل صفة الصلاة (٢/ ٨٠١)]
[سنية الافتراش أو الإقعاء بين السجدتين]
قول عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان) رواه مسلم. صحيح.