للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوهام مكشوفة! ثم رأيت الحديث في «مصنف ابن أبي شيبة» «٣/ ٤٥» من رواية سفيان عن عاصم عن ابن سيرين قال: «لا تخصوا .. ». فذكر الحديث موقوفًا على ابن سيرين كما ترى، وإسناده صحيح؛ ولكنه لا يعل به المرفوع مسندًا ومرسلًا؛ لما سبق ذكره أن زيادة الثقة مقبولة.

فأحببت أن أذكر هذا خشية أن يعثر عليه جاهل آخر بهذا العلم فيعل الحديث بهذا الموقوف كما أعله حسان بالإرسال! وحقيقة الأمر؛ أنه لا غرابة في ورود الحديث على وجوه مختلفة؛ تارة مسندًا، وتارة مرسلًا، وتارة موقوفًا، والراوي واحد كابن سيرين هنا، وذلك لأنه قد ينشط الراوي أحيانًا فيسنده، وقد يرسله تارة اختصارًا، وقد لا ينشط فيذكره موقوفًا، وقد يكون السبب شعوره بأن الحديث معروف بالرفع فلا يرى ضرورة للتصريح برفعه، والعبرة في هذه الحالة المصير إلى الترجيح المسوغ للبت بأنه مرفوع مسند، أو مرفوع مرسل، أو موقوف، فإذا ترجح الأول لم ينافِه ما دونه لما ذكرت. والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن مما يؤكد صحة الحديث وشهرته عند السلف ما رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي- قال: «كانوا يكرهون أن يخصوا يوم الجمعة والليلة كذلك بالصلاة». ورجاله ثقات.

السلسلة الصحيحة (٢/ ٧٣٢ - ٧٣٩).

[تحريم صوم الدهر]

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صام الدهر؛ ضيِّقت عليه جهنم هكذا- وعقد تسعين-».

[قال الإمام]: الحديث ظاهر الدلالة في تحريم صوم الدهر، وبه قال ابن حزم في «المحلى» «٧/ ١٢ - ١٦»، واستدل على ذلك أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من صام الدهر؛ فلا صام ولا أفطر». ولقد تكلف كثير من العلماء في رد دلالتهما بتأويلهما، وبخاصة الأول منهما؛ فقد حمله ابن حبان على من صام الدهر الذي فيه أيام العيد والتشريق! وأسوأمنه من تأوَّله بقوله: «ضُيِّقُت عنه جهنم حتى لا يدخلها» حكاه ابن خزيمة وغيره عن المزني ولقد أحسن ابن حزم في رده بقوله: «وهذه لكنة وكذب. أم

<<  <  ج: ص:  >  >>