إذا كان كل هذه الأشياء تحصل من المستفيد أو القابض أو الآكل مداهنةً، فلا شك أنه يأكل حراماً، وإذا كان يفعل ذلك كله من باب تأليف قلب هذا الداعي أو الهادي أو نحو ذلك مما جاء في السؤال والجواب، فحينئذٍ يجوز بهذه النية إلى متى؟ إلى أن ييأس من الوصول إلى الهدف الذي رمى إليه، وهو تأليف قلبه؛ بأن يصرفه عن هذا المال الحرام، فإذا وصل إلى هذه النقطة يقول بلسان حاله أو بلسان قاله:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف: ٧٨].
هذا ما عندي.
(الهدى والنور /٢٤٩/ ٢٣: ٠٨: ٠٠)
[حكم قبول الهدية ممن ماله مختلط من حلال وحرام]
السائل: طيب، رجل أهدانى مثلاً هديه من طعام، وهو يعمل بعمل يوجد فيه حلال وحرام، فهل يأكل هذا الإنسان الهدية، أو إذا زاره إلى بيته أيضاً هل يأكل من طعامه، ويرجو منه الخير؟
الشيخ: أولاً: العبرة بما يغلب على هذا الإنسان من الكسب الحلال أو الحرام، فأيُّهما غلب أخذ حكمه، إن كان الغالب حرام فهوا حرام، وإن كان الغالب حلال فهو حلال.
ثانياً: هبه حراماً كمدير البنك مثلاً، أو أيَّ موظف في البنك مثلاً ليس له كسب ثاني إلا هذا المال الحرام، فَنُوَجِّه سؤالاً إلى مثل هذا الإنسان؟
الجواب: أن من أكل من طعامه، أو قِبَل من هديته، فهو ينظر إلى نِيِّته، نية الآكل والقابض للهدية، إن كان لا يُريد من وراء ذلك إلا حُطام الدنيا، والمكسب الدنيوي، فلا يجوز، وإن كان يريد أن يتخذ ذالك ذريعة ووسيلة، بالنصيحة لهم بأن يُطَيِّب مكسبه، فيجوز ذلك من باب هذه المصلحة التي ينوي إليها؛ لأننا نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم كان يأكل من طعام المشركين، ما دام ليس فيه ما هو مُحَرَّم شرعاً، كما كان يأكل من طعام أهل الكتاب.