المصاحف جميعاً في أوائل السور - سوى «بَرَاءَةٌ» - بخط المصحف؛ بخلاف الأعشار، وتراجم السور؛ فإن العادة كتابتها بحمرةٍ، ونحوها.
قال النووي «٣/ ٣٣٦»: «فلو لم تكن قرآناً؛ لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز؛ لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن؛ فيكونون مُغَرِّرين بالمسلمين، حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً؛ فهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم.
قال أصحابنا: هذا أقوى أدلتنا في إثباتها».
قلت: وهو كما قالوا، ولكنه لا يدل على ما ذهبوا إليه من كونها آية من «الفَاتِحَة» - كما لا يخفى -، وقد بسط القول في هذا الموضوع العلامة أحمد محمد شاكر في تعليقه على «الترمذي» بتحقيق وإنصاف. فراجعه «٢/ ١٩ - ٢٥»؛ فإنه مهم.
[أصل صفة الصلاة (١/ ٣١٤)]
[من فضائل الفاتحة]
وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول:«ما أنزل الله عز وجل في التوراة، ولا في الإنجيل مثل «أم القرآن»؛ وهي السبع المثاني [والقرآن العظيم الذي أوتيته]».
قال الباجي:«يريد قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ المَثَانِي وَالقُرْآنَ العَظِيمَ}. وسميت السبع؛ لأنها سبع آيات. والمثاني؛ لأنها تثنى في كل ركعة «أي: تعاد». وإنما قيل لها:«القرآن العظيم» على معنى التخصيص لها بهذا الاسم، وإن كان كل شيء من القرآن قرآناً عظيماً؛ كما يقال في الكعبة:«بيت الله»، وإن كانت البيوت كلها لله، ولكن على سبيل التخصيص والتعظيم له». اهـ.
والحديث نص صريح في بيان المراد من الآية، وهو «الفَاتِحَة»؛ فلا يلتفت بعد ذلك إلى ما يخالفه من الأقوال مهما كان شأن قائله.