رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا الحديث، فالحديث مستفيض عن عائشة، ولذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على علم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت، ولكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلا من طريق ابن الزبير، فلما جابهه الحارث بن عبد الله بأنه سمعه من عائشة أيضا أظهر الندم على ما فعل، ولات حين مندم. هذا، وقد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعا لتوسيع المطاف حول الكعبة ونقل مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى مكان آخر، فأقترح بهذه المناسبة على المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شيء وإعادة بنائها على أساس إبراهيم عليه السلام تحقيقا للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث، وإنقاذا للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يشاهد في كل عام، ومن سيطرة الحارس على الباب الذي يمنع من الدخول من شاء ويسمح لمن شاء، من أجل دريهمات معدودات!
السلسلة الصحيحة (١/ ١/ ١٠٥ - ١٠٩).
[حال حديث: تحية البيت الطواف؟]
[روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال]: «تحية البيت الطواف». [قال الإمام]: لا أعلم له أصلا. وإن اشتهر على الألسنة، وأورده صاحب «الهداية» من الحنفية بلفظ: «من أتى البيت فليحيه بالطواف». وقد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إلى أنه لا أصل له، بقوله «٢/ ٥١»: غريب جدا، وأفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في «الدراية»«ص ١٩٢»: لم أجده. قلت: ولا أعلم في السنة القولية أوالعملية ما يشهد لمعناه، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يقبل إلا بعد ثبوته وهيهات، لا سيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، «وما جعل عليكم في الدين من حرج».
وإن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم، وإلا فالسنة في