وكان يأمر المقتدين بالتأمين بُعَيْدَ تأمين الإمام؛ فيقول: إذا قال الإمام: {غَيْرِ المُغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}؛ فقولوا: آمين؛ [فإن الملائكة تقول: آمين. وإن الإمام يقول: آمين].
«وفي لفظ: إذا أمَّن الإمام؛ فأمِّنوا»؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة، «وفي لفظ آخر: إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين. والملائكةُ في السماء: آمين. فوافق أحدهما الآخر»؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه.
قوله:«فقولوا»: حمل الجمهور هذا الأمر على الندب، ومنهم ابن حزم في «المحلى»«٣/ ٢٦٢».
قال الحافظ «٢/ ٢١٠»: «وحكى ابنُ بَزِيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم؛ عملاً بظاهر الأمر.
قال: وأوجبه الظاهرية على كل مصل».
قال الشوكاني «٢/ ١٨٧»: «والظاهر من الحديث الوجوب على المأموم فقط، لكن لا مطلقاً؛ بل مقيداً بأن يُؤَمِّن الإمام. وأما الإمام والمنفرد؛ فمندوب فقط». اهـ.
قال الحافظ أبو زرعة [العراقي]«٢/ ٢٦٦»: «في الحديث رد على الإمامية؛ في دعواهم أن التأمين في الصلاة مبطل لها، وهم في ذلك خارقون لإجماع السلف والخلف، ولا حجة لهم في ذلك؛ لا صحيحة ولا سقيمة». اهـ.
وقال الخطابي «١/ ٢٢٤»: «معنى الحديث: قولوا مع الإمام؛ حتى يقع تأمينكم وتأمينه معاً. فأما قوله: «إذا أمن الإمام؛ فأمنوا»؛ فإنه لا يخالفه، ولا يدل على أنهم يؤخرونه عن وقت تأمينه، وإنما هو كقول القائل: إذا رحل الأمير؛ فارحلوا. يريد: إذا أخذ الأمير في الرحيل، فتهيأوا للارتحال؛ ليكون رحيلكم مع رحيله، وبيان هذا في الحديث الآخر: «إن الإمام يقول: آمين؛ والملائكة تقول: آمين. فمن وافق تأمينه