للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل للقصر في السفر مدة محددة وما هي ضوابط الإقامة]

السائل: فضيلة الشيخ القصر في السفر، يعني هل له مُدَّة مُعَيَّنة، وإذا لم يكن يعني سؤالي: ما هو ضابط الإقامة في بلد ما؟

الشيخ: ضابطها القصد والنية، وقد يقترن معه العمل في كثير من الأحيان، لكن الأساس هو النية، وواقع الناس في الواقع هو الذي يُحَدِّد عليهم، إذا كانوا مسافرين أو مقيمين في حالة نزولهم في بلد هو غير بلدهم.

الفقهاء جزاهم الله خيراً كانوا يُلاحظون هذه الأمور بشيء من الدقة التي يغفل عنها الجماهير، فمعلوم في الفقه: أن الرجل إذا كان له زوجتان كل واحدة منهما في بلد فهو إذا خرج مسافراً من بلده إلى بلد الزوجة الأخرى، فهو ما بين البلدتين مسافر، لكنه في كل من البلدين هو مقيم؛ ذلك لأن المسافر عادة إنما يغادر بلده إلى بلد آخر، أو مكان آخر لقضاء حاجات له، لا يدري هل هذه الحاجة تُقْضى له في ساعة أو في يوم أو أيام.

لذلك يقولون: إن المسافر إذا نزل بلداً لقضاء بعض الحاجات فهو مسافر، بشرط ألا يَعْرف ولا ينوي الإقامة، فيقول: أنا غداً أنهي مصالحي وأعمالي وأسافر فلا تقضى، يقول: إذاً: بعد غد وهكذا وقد يقيم ما شاء الله أسابيع بل وشهوراً، وهو في هذا التردد لَمَّا ينوي الإقامة بعد؛ لأنه يريد أن يعود إلى بلده.

وقد تأملت في بعض النصوص الشرعية، فوجدت أَدَقُّها تعبيراً قول الله عز وجل في سورة البقرة، حينما يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] إلى آخر الآيات، إلى أن يقول: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: ١٨٤] قصدي هنا لم يقل: أو كان مسافرًا، إنما «أو على سفر» {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤].

فقد يكون من الواضح جداً في المثال السابق حينما ضربنا لرجل بالزوجتين، قلنا هو ما بين البلدين مسافر، لكن حينما يطب في البلد الآخر عند الزوجة

<<  <  ج: ص:  >  >>