تعالى له أبواب الحق وسهل عليه الدخول منها. قال العلامة الشوكاني في «وبل الغمام حاشية شفاء الأوام»: إن الإجماعات التي يحكونها في المصنفات ليست إلا باعتبار أن الحاكي لم يعلم بوقوع خلاف في المسألة، وعدم علمه بالوقوع لا يستلزم العدم، غاية ما هناك أن حصل له ظن بالإجماع، ومجرد ظن فرد من الإفراد لا يصلح أن يكون مستندا للإجماع، ولا طريقا من طرقه، ومن قال بحجية الإجماع لا يقول بحجية هذا، فهو مجرد ظن لفرد من أفراد الأمة ولم يتعبد الله أحد من خلقه بمثل ذلك، فإنه لو قال المطلع: لا أعلم في هذه المسألة دليلا من السنة أو دليلا من القرآن لم يقل عاقل فضلا عن عالم أن هذه المقالة حجة.
إذا تقرر هذا هان عليك الخطب عند سماع حكاية الإجماع لأنه ليس بالإجماع الذي اختلفت الأمة في كونه حجة أم لا، مع أنه قد ذهب الجمهور من أهل الأصول إلى أن الإجماع لا تقبل فيه أخبار الآحاد كما صرح بذلك القاضي في «التقريب» والغزالي في كتبه، إلى آخر ما قال، وقد أوردت حجج هذه المسألة في كتابي «حصول المأمول من علم الأصول» وأوردها الولدان الصالحان في «الاقليد» و «الطريقة المثلى» فمن رام انثلاج خاطره فيرجع إليها وإلى «دليل الطالب» وغيره من مؤلفاتنا.
قلت: وكذلك حقق القول في هذه المسألة الإمام أبو محمد ابن حزم في كتابه القيم «إحكام الأحكام في أصول الأحكام» وهو مطبوع في مصر في ثمانية أجزاء فليرجع إليه من شاء التحقق من الإجماعات التي يلهج بها بعض الناس فإنه من أحسن كتب الأصول المدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة بخلاف غيرها التي بنيت على مجرد الدعوى.
[صلاة التراويح ص ٨٣]
[وجوب التزام الإحدى عشرة ركعة والدليل على ذلك]
لقد تبين لكل عاقل منصف أنه لا يصح عن أحد من الصحابة صلاة التراويح بعشرين ركعة وأنه ثبت عن عمر رضي الله عنه الأمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة،