الشيخ:[أُذَكِّر] كذلك بالحديث الذي هو وقت هذه الساعة التي نحن محرمون وحجاج، حيث قال عليه الصلاة والسلام:«خذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا».
ونحن اليوم أصبحنا في يوم عرفة، وعما قريب سننطلق ملبين مهللين إلى عرفة، وذلك يكون اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بعد طلوع فجر هذا اليوم ننطلق إن شاء الله إلى عرفة، وقبل الصعود إليها نصلي الظهر والعصر جَمْع تقديم في مسجد نمرة، ذلك لمن تيسر له الصلاة مع الإمام في هذا المسجد، أو فيما حوله؛ لأن الحجاج والحمد لله جمع غفير جداً، فقد لا يتمكنون كلهم وجميعهم من أن يصلوا صلاة واحدة، مع إمام واحد، هذا هو الأصل أن يصلوا معه، فإن فاتهم ذلك، فيصلون جماعات في منازلهم، في خيامهم، بعد ذلك، أعني بعد دخول وقت الظهر، وصلاتها جمع تقديم مع العصر، السنة أن يبدأ الناس في الصعود إلى عرفة، والوقوف عليها.
وقد وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع عند عرفة، ولكنه قد بَيَّن للناس أن وقوفه ذاك ليس مُلْزِماً للناس جميعاً به، وأن يتحروا الوقوف موقفه، وذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف»، ولذلك فلا ينبغي للحجاج أن يتكلفوا الوقوف هناك، فإن الدين يُسْر، ومن يشاد هذا الدين يغلبه، يقف الحاج في أي مكان يتيسر له من عرفة، ولكن عليه أن يتحرى أن يكون موقفه داخل عرفة، وأن لا يقع هذا الموقف خارجها كما يبلغنا أحياناً عن بعض الحجاج، وهناك لآفتات مكتوب عليها حدود عرفة، ولذلك فعلى كل حاج أن يُلَاحِظها إن كان قارئاً، وإلا فالأمر كما قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣].
فبعض الناس قد لا يقرؤون، وبخاصة بعض النساء، فعلى هؤلاء جميعاً أن يقوموا بواجب السؤال، حتى لا يقعوا في الوقوف خارج عرفة، فإن فعلوا ذلك فقد ذهبت حجتهم أدراج الرياح، لقوله عليه الصلاة والسلام:«الحج عرفة».