للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفغاني، رأيته في دمشق محرماً، فسألته: لماذا أنت هكذا كأنك حاج؟ قال: نعم أنا حاج، قلت: كيف لابس الإحرام قبل الميقات؟ قال: أنا أحرمت من دويرة أهلي، من أفغانستان أحرم المسكين، فتأمل كم سيعيش هذا الإنسان في صعوبة وفي مشقة حتى إنه يأتي وهو لعله كان محرماً بالحج المفرد، فسيظل في هذا الإحرام من بلده إلى أن يتحلل يوم النحر، هذه مشقة وهذا حرج، {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]. أي نعم.

ولذلك: فالسنة أَحَقُّ أن تُتَّبع، وهو الإحرام من الميقات، فكما لا يجوز التَأَخُّر في الإحرام عن الميقات، كذلك لا يجوز التَقَدُّم بالإحرام على الميقات، ومثال هذا الصلوات الخمس، الصلوات الخمس لها مواقيت زمنية، والحج والعمرة لها مواقيت مكانية.

فكما أنه لا يجوز للمسلم أن يجاوز المواقيت الزمانية بالنسبة للصلوات الخمس، لا تقديماً ولا تأخيراً، فَمَثَل من يؤخر الصلاة عن وقتها كَمَثَل من يُصَلِّيها قبل وقتها، وإلا قد ألغى فعلاً وعملاً قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، فما فائدة التوقيت حينئذٍ إذا هو صلى قبل الوقت أو صلى بعد الوقت؟ ! كذلك ما فائدة توقيت هذه المواقيت المكانية بالنسبة للحُجَّاج والمعتمرين، إذا نحن أَجَزنا لهم أن يُحْرِموا قبل الميقات أو أجزنا لهم أن يحرموا بعد الميقات، ولكن نوجب عليهم دماً، لا، نحن نقول: لا يجوز الإحرام قبل الميقات ولا بعد الميقات، إلا من فعل ذلك جاهلاً أو ناسياً فهذا عذر، أما الذي يعلم فهو آثم، وحسبه هذا الإثم.

(الهدى والنور/٣٧٥/ ٣٨: ٤٢: ٠٠)

[من جامع وهو محرم بالحج]

مداخلة: السؤال: من المعلوم أنه لا يجوز لأحد أن يُفْسد عبادة أي مسلم كان، إلا بدليل من الكتاب والسنة الصحيحة، بينما نجد كثيراً من العلماء الأفاضل

<<  <  ج: ص:  >  >>