الوجه يقولوا على هذه الطريقة: الأغنياء ما يتركوا عندهم سيولة، يُحَوِّلوها إلى عروض تجارية، وهكذا حُرِم الفقراء من زكاة النقد.
أنا أقول: هذا وهم، حقيقةً أنه وهم، ولا يستطيع أحد أن يطرح هذا السؤال، فضلاً عن أن يجادل في الجواب، بعد أن يُبَيَّن له أن هذا وهم محض.
لو سألنا أي شخص، سواء كان تاجراً أو كان غير تاجر، غنياً أو فقيراً: ماذا ترى آلمال المكنوز في الصندوق وصاحبه يخرج عنه كل سنة بالمائة اثنين ونصف، هذا أنفع للفقراء أولاً، ثم لبقية المجتمع ثانياً، أم لو تَحَوّلت هذه الفلوس أو هذه الملايين إلى بضاعة تمشي في السوق، وينتفع منها الغني والفقير؟
هل فيكم من يقول: لا، الأمر الأول أنفع للفقراء والمساكين أن يظل المال مكنوز لا يُطرح، أم يتعامل معه في بضاعة .. في معامل .. في أي شيء ينفع الأمة، وأظن أن لا أحد يقول: أن هذا المال المكنوز، ولو كان مُزَكّى هو أنفع من ذلك المال الذي لم يُكْنَز، لكنه عروض، لا شك أن هذا أنفع للفقراء والمساكين، من الناحية المادية أولاً، ثم من الناحية ماذا أسميها ناحية نفسية ثانياً؛ لأنه المال الذي يأخذه الفقير باسم الزكاة يصدق على الفقير والغني قوله عليه السلام:«اليد العليا خير من اليد السفلى»، واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة، فبدل أن يأخذها الفقير بيد سفلى يأخذها بحق أعلى، وهو بجهده وكده وعرق جبينه، كما يقال.
إذاً: من أين يُؤْتى، وناقشت هذه المسألة، سواءً من الناحية الشرعية أو من الناحية الاقتصادية، أو من الناحية الاجتماعية، تجد أن عروض التجارة لا زكاة عليها الزكاة المُقَنّنة التي شرحناها آنفاً، هذا ما عندي جواباً عن هذا السؤال.