[قال الإمام]: لقد كنا ولا نزال نشكو من إعراض أكثر المسلمين عن العمل بالحديث تعصبا منهم لأئمتهم ونشكو من مخالفة بعض الصوفية للأوامر الشرعية لأنها - بزعمهم - لا تتفق مع أذواقهم وإذا بنا اليوم - ونحن ندعي الغيرة على الإسلام والعمل بالسنة - أمام تعصب جديد وصوفية حديثة نقدم أذواقنا وعاداتنا ونتعصب لها على هديه - صلى الله عليه وسلم - وأمره دون أن يكون لنافي ذلك قدوة فيمن سلف من إمام يوثق بعلمه وذوقه!
قرأت منذ بضعة أيام كتاب «الإسلام المصفى» لأحد الكتاب الغيورين
على الإسلام - كما يبدو ذلك من كتابه - والحريصين على بقائه نقيا سليما كما كان في عهده - صلى الله عليه وسلم - فإذا به يقول - بعد أن ساق أحاديث صحيحة في الأمر بإعفاء اللحية مخالفة للمشركين - ما نصه:
«والأمر بإعفائها لم يكن إلا من قبل الندب وشأنها شأن كل المظاهر الشكلية التي لا يهتم بها الإسلام ولا يفرضها على أتباعه بل يتركها لأذواقهم وما تتطلبه
بيئاتهم وعصورهم»!
فانظر لهذا الغيور على أحكام الإسلام كيف مهد لنسف الأمر بإعفاء اللحية بأن حمل الأمر بها على الندب أولا ثم زعم أن الإسلام ترك هذا الأمر المندوب لأذواق المسلمين وبيئاتهم فإذا استذوقوه فعلوه لا لأنه أمر به - صلى الله عليه وسلم - بل لأنه موافق لذوقهم وعصرهم وإن لم يستذوقوه تركوه غير مبالين بمخالفتهم لأمره - صلى الله عليه وسلم - ولو فرض أنه للندب!
وإني لأخشى أن يكون رأي المؤلف قريبا من هذا وإلا فما باله لم يتعرض لبيان حكم الإعفاء مع كثرة النصوص التي تتعلق به كما يأتي بيانه بينما نراه قد جزم ببيان حكم الختان مع أنه لا نص فيه كما أشار إليه فيما تقدم مع الرد عليه اللهم إلا تعليقه على قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وفروا اللحى ... »: