المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم. وإني كلما أسير في شعب الاختلاف؛ أجد قول المحدثين فيه قريباً من الإنصاف، فلله درهم وعليه شكرهم كيف لا، وهم ورثة النبي - صلى الله عليه وسلم - حقاً، ونُوَّابُ شرعه صدقاً، حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم». اهـ.
[أصل صفة الصلاة (١/ ٣٤٩)]
وُجُوبُ قراءةِ الفاتحة في السِّرِّيَّةِ بدون تشويش على الإمام
وأما في السرية؛ فقد أقرهم على القراءة فيها، فقال جابر:«كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: «فاتحة الكتاب» وسورة، وفي الأخريين بـ:«فاتحة الكتاب».
وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين صلى الظهر بأصحابه؛ فقال:«أيُّكم قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}؟ ».
فقال رجل: أنا، [ولم أُرِدْ بها إلا الخير]. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها».
وفي حديث آخر:«كانوا يقرؤون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، [فيجهرون به]، فقال: «خلطتم عليَّ القرآن»».
قوله - في حديث عمران -: «خالجنيها»؛ أي: نازَعَنِيها. وأصل «الخَلْج»: الجذب والنزع - كما في «النهاية» -.
وقال الخطابي:«وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة، حتى تداخلت القراءتان وتجاذَبَتا».
وقال النووي في «شرح مسلم»: «ومعنى هذا الكلام: الإنكار عليه في جهره، أو رفع صوته، بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة؛ بل فيه أنهم كانوا يقرؤون