قال الإمام: والحق أن القول بوجوب الزكاة على عروض التجارة مما لا دليل عليه في الكتاب والسنة الصحيحة مع منافاته لقاعدة «البراءة الأصلية» التي يؤيدها هنا قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع:«فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد ... ». الحديث.
رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في «الإرواء» ١٤٥٨.
ومثل هذه القاعدة ليس من السهل نقضها أو على الأقل تخصيصها ببعض الآثار ولو صحت كقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
«ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة».
أخرجه الإمام الشافعي في «الأم» بسند صحيح.
ومع كونه موقوفا غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه ليس فيه بيان نصاب زكاتها ولا ما يجب إخراجه منها فيمكن حمله على زكاة مطلقة غير مقيدة بزمن أو كمية وإنما بما تطيب به نفس صاحبها فيدخل حينئذ في عموم النصوص الآمرة بالإنفاق كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ... } وقوله جل وعلا: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
«ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا».
رواه الشيخان وغيرهما. وهو مخرج في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» برقم ٩٢٠.
وقد صح شيء مما ذكرته عن بعض السلف فقال ابن جريج: قال لي عطاء:
«لا صدقة في اللؤلؤ ولا زبرجد ولا ياقوت ولا فصوص ولا عرض ولا شيء