بعد أن بينا الغناء المحرم بقسميه: بالآلة وبدونها معتمدين في ذلك على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعلى الآثار السلفية وأقوال الأئمة فقد آن لنا أن نتحدث عن الغناء الصوفي وعما يعرف اليوم ب الأناشيد الإسلامية أو الدينية فأقول وبالله أستعين:
إن مما لا شك فيه أنه كما لا يجوز أن لا نعبد أحدا إلا الله تحقيقا لشهادة أن لا إله إلا الله فكذلك لا يجوز لنا أن نعبد الله أو نتقرب إليه إلا بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحقيقا لشهادة محمد رسول الله فإذا تحقق المؤمن بذلك كان محبا لله متبعا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن أحبه الله كان الله معه وناصرا له.
وقد كنت ذكرت في مقدمة تلعيقي على رسالة العز بن عبد السلام رحمه الله بداية السول في تفضيل الرسول بعد حديثين معروفين في حب الله والرسول وأن من كان ذلك فيه وجد حلاوة الإيمان ما نصه:
واعلم أيها الأخ المسلم أنه لا يمكن لأحد أن يرقى إلى هذه المنزلة من الحب لله ورسوله إلا بتوحيد الله تعالى في عبادته دون سواه وبإفراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاتباع دون غيره من عباد الله لقوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا اتباعي»(١).
قلت: فإذا كان مثل موسى كليم الله لا يسعه أن يتبع غير النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل يسع ذلك غيره؟ فهذا من الأدلة القاطعة على وجوب إفراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاتباع وهو من لوازم شهادةأن محمدا رسول الله ولذلك جعل الله تبارك وتعالى في الآية المتقدمة اتباعه - صلى الله عليه وسلم - دون سواه - دليلا على حب الله إياه ومما لا شك فيه أن من أحبه الله
(١) ١ حديث حسن مخرج في الأرواء ١٥٨٩. والصحيحة ٣٢٠٧. [منه].