للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قراءة المأموم وراء الإمام]

الشيخ: [الإمام مالك] والإمام أحمد إمام السنة يقولان بالتفصيل التالي، ألا وهو: القراءة وراء الإمام في السِرّية، دون القراءة وراء الإمام في الجهرية، فوظيفة المقتدي وراء الإمام حينما يجهر بالقراءة في الركعتين الأوليين من الصلوات الجهرية كصلاة العشاء وصلاة المغرب وصلاة الفجر، فالمقتدي وهو يسمع قراءة الإمام، فلا يجوز له أن يُشْغِل نفسه بالقراءة لنفسه عن الإصغاء لقراءة الإمام؛ لأن من تمام الاقتداء بالإمام في هذه الحالة، أعني: -في حالة جهر الإمام بالقراءة، وفي حالة استماع المقتدي لهذه القراءة- السكوت والإنصات؛ وذلك من تمام قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم - عموم هذه الآية في هذه الحالة، بقوله: «إنما جعل الإمام ليُؤْتَمّ به، فإذا كَبَّر فكبِّروا، وإذا قرأ فأنصتوا»، معنى الإنصات: يستلزم أنك تسمع شيئاً، إذا كنتُ صامتاً فلا يجوز لي أن أقول: أنصتوا، فيقول القائل: لماذا ننصت قد نذكر الله، قد نصلي على رسول الله؟ لكن إذا سمعتم القراءة فهنا يأتي الأمر الإلهي: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] أمران اثنان:

الأمر الأول: الاستماع؛ وهو الانتباه لما يُتْلى عليكم من القرآن.

الأمر الثاني: الصمت، السكوت.

فلا ينبغي على هذا المذهب الثالث وهو مذهب مالك وأحمد، لا ينبغي للمقتدي أن يقرأ شيئاً؛ والسر في ذلك في نهاية المطاف يتضمنه قوله عليه السلام: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»، فقراءة الإمام في الجهرية حينما تسمعون قراءته فهي قراءة عنكم.

إذا عرفتم هذه الأقوال الثلاثة، وعرفتم وِجْهَة نظر الأئمة الاثنين مالك وأحمد -رحمهما الله جميعاً-، يكون هذا المذهب هو المذهب الوسط، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]، لا تسمع قراءة الإمام وذلك في الصلاة الجهرية، أو في حالة أخرى قد يكون صوت الإمام خافتاً، وقد يكون سَمْع المقتدي

<<  <  ج: ص:  >  >>