مداخلة: ... بنهاية شهر رمضان يكثر الجدل حول زكاة الفطر، ففي ناس يجدون من السهل أنهم يخرجونها نقداً، وهناك بعض الأئمة يقولون لازم تخرج من غالب قوت الناس قمحاً أو رزاً ... ، فما الرأي؟
الشيخ: لا شك أن الأولين مخطئون، الذين يقولون بجواز إخراج صدقة الفطر نُقُوداً فهم مخطئون؛ لأنهم يخالفون نص حديث الرسول عليه السلام الذي يرويه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال:«فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط»، فعيَّن الرسول عليه السلام هذا الفريضة التي فرضها الرسول عليه السلام ائتماراً بأمر ربه إليه ليس نقوداً، وإنما هو طعام مما يقتاته أهل البلاد في ذلك الزمان، ومعنى هذا الحديث أن المقصود به ليس هو الترفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسوا الجديد والنظيف، و ... إلى آخره، وإنما هو إغناؤهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم، وفيما يليه من الأيام بعد العيد، وحين أقول بعد العيد، فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد، أما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقاً، فعيد الفطر هو يوم واحد، وعيد الأضحى أربعة أيام.
فالمقصود بصرف صدقة الفطر من هذا الطعام المعهود في تلك الأيام، هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر، ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قصرت، فحينما يأتي إنسان ويقول: لا، نخرج القيمة، هذا أنفع للفقير، هذا يخطئ مرتين، المرة الأولى: أنه خالف النص، والقضية تعبدية، هذا أقل ما يقال، لكن الناحية الثانية خطيرة جداً؛ لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة، لم يدر هو ولم يعرف مصلحة الفقراء والمساكين، كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأن إخراج القيمة أفضل.