[تأمين المأمومين يكون بعد أن يشرع الإمام في التأمين]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «إذا قرأ الإمام: «غير المغضوب عليهم ولا الضالين»، فأمن الإمام فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن على دعائه، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
[قال الإمام]: أخرجه أبو يعلى «٤/ ١٤٠٨»: حدثنا عمرو الناقد أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وعمرو هو ابن محمد بن بكير الناقد أبو عثمان البغدادي، ثقة حافظ، احتج به الشيخان وغيرهما. وقد أخرجاه وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء»«٣٤٤» بلفظ: «إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق .. » إلخ. وإنما أخرجته بلفظ الترجمة لما فيه من الزيادة، وهي قوله بعد «ولا الضالين»: «فأمن الإمام فأمنوا»، فإنها صريحة بأمرين اثنين: الأول: أن الإمام يؤمن بعد ختمه الفاتحة، والآخر: أن المأموم يؤمن بعد فراغ الإمام من التأمين. وقد قيل في تفسير رواية الشيخين أقوال كثيرة ذكرها الحافظ في «الفتح»«٢/ ٢١٨ - ٢١٩»، منها أن معنى قوله: إذا أمن، بلغ موضع التأمين، كما يقال: أنجد إذا بلغ نجدا، وإن لم يبلغها. قال ابن العربي:«هذا بعيد لغة وشرعا». وقال ابن دقيق العيد:«وهذا مجاز، فإن وجد دليل يرجحه عمل به، وإلا فالأصل عدمه». قال الحافظ:«استدلوا له برواية أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّين} فقولوا: «آمين»، قالوا: فالجمع بين الروايتين يقتضي حمل قوله: إذا أمن على المجاز».
وأقول: يمكن الجمع بطريقة أخرى، وهي أن يؤخذ بالزائد من الروايتين فيضم إلى الأخرى، وهو قوله في رواية سعيد:«إذا أمن الإمام فأمنوا»، فتضم الزيادة إلى رواية أبي صالح فيصير الحديث هكذا:«إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّين} آمين، فقولوا آمين». وهذا الجمع أولى من الجمع المذكور، وذلك لوجوه. الأول: أنه