من أخرج صلاة عن وقتها متعمدًا غير قاصد للجمع فلا يشرع له قضاؤها
وأما من أخرج صلاة عن وقتها متعمدا غير قاصد للجمع فلا يشرع له قضاؤها ولا يعذر عليه أبدا، لأنه إذا كان الناسي للصلاة أو النائم عنها - وهما معذوران شرعا - ليس عليهما إلا الإتيان بها فورا حين التذكر - وهو وقتها - فأين الوقت بالنسبة إلى المتعمد؟
لقوله عليه الصلاة والسلام:«من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» فما فات لا سبيل إلى إدراكه البتة ولو أمكن أن يدرك لما سمي فائتا. انظر «الصلاة» لابن القيم.
وهو مذهب داود الظاهري وكذا ابن حزم وقد أطال في تقرير ذلك بما لم يسبق إليه وقال: وممن قال بقولنا في هذا عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وسعد ابن أبي وقاص وسلمان «صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وابن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر وبديل العقيلي ومحمد بن سيرين ومطرف بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. وبه قال الحسن البصري: إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدا فإنه لا يقضيها. «الصلاة»«١٠٧».
ثم قال: ما نعلم لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنه مخالفا منهم. راجع «المحلى»«٢/ ٢٣٥ - ٢٤٤».
واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في «الاختيارات»«ص ١٩»:
«وتارك الصلاة عمدا لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه بل يكثر من التطوع وكذا الصوم، وهو قول طائفة من السلف كأبي عبد الرحمن صاحب الشافعي وداود وأتباعه، وليس في الأدلة ما يخالف هذا بل يوافقه، وأمره عليه السلام المجامع بالقضاء ضعيف لعدول البخاري ومسلم عنه».