الشيخ: حديث صلاة التسابيح اختلف العلماء فيه اختلافًا كثيرا؛ لأنه قيل بصحته وقيل بوضعه وبينهما درجات، والذي ترجح عندي تبعًا لبعض من سبقني من الحفاظ المشهورين بالدقة في تخريجهم لأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - كالحافظ ابن ناصر الدمشقي الذي كان معاصرًا للحافظ الذهبي الدمشقي فإن له رسالة جمع فيها طرق صلاة التسابيح، ومن درسها ودرس طرق هذه الصلاة أو طرق حديث صلاة التسابيح تبين له أن الحديث بمجموع طرقه صحيح، أما مفردات طرقه فلا يوجد فيها حديث يمكن أن يقال فيه: إنه صحيح بل ولا يمكن أن يقال فيه: حسن لذاته، وإنما جاءت الصحة من مجموع طرقه وهذا هو السبب في اختلاف العلماء ذلك الاختلاف الكبير، فابن الجوزي ومعه ابن تيمية وغيره ذهبوا إلى أن هذا الحديث موضوع لا يعنون بذلك أن إسناده موضوع، فإن بعض أسانيده في سنن أبي داود وغيره وليس فيها من اتهم، وليس من هو وضاع كذاب بل ليس في إسناده من اتهم بالكذب أو بالوضع وإنما بسوء الحفظ.
ولكن ابن الجوزي وابن تيمية نظروا إلى متن الحديث فوجدوه غريبًا في سياقه غريبًا في فضل هذه الصلاة ولو في العمر مرة فقالوا: إن مثل هذه الصلاة لا شبه لها بالصلوات المعروفة في الأحاديث الصحيحة، ولذلك مالوا إلى القول بوضعه، والذين علوا في الحكم وارتفعوا قليلًا عن الحكم عليه بالوضع وقفوا عند ظاهر الطرق والأساليب إن كانوا جمعوها ووقفوا على مجموعها إن كانوا؛ لأني في شك أن يكونوا فعلوا ذلك؛ لأن من فعل لم يحكم لا بالوضع ولا بالضعف، نظروا إلى بعض مفردات هذه الطرق فحكموا على الحديث بالضعف.
أما الذين رووه وذهبوا إلى صحته فهم نظروا إلى مجموع طرقه فرأوا أن القاعدة الحديثية التي قعدها علماء الحديث في قواعد علم الحديث أن الحديث الضعيف