للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل المنارة للمسجد كانت معروفة في العهد النبوي]

[قال الإمام]: لم يثبت أن المنارة في المسجد كانت معروفة في عهده - صلى الله عليه وسلم - (١)،

ولكن من المقطوع به أن الأذان كان حينذاك في مكان مرتفع على المسجد يرقى إليه كما تقدم، ومن المحتمل أن الرقي المذكور إنما هو إلى ظهر المسجد فقط (٢)، ومن المحتمل أنه إلى شيء كان فوق ظهره كما في حديث أم زيد، وسواء كان الواقع هذا أو ذاك فالذي نجزم به أن المنارة المعروفة اليوم ليست من السنة في شيء غير أن المعنى المقصود منها - وهو التبليغ - أمر مشروع بلا ريب فإذا كان التبليغ لا يحصل إلا بها فهي حينئذ مشروعة لما تقرر في علم الأصول: أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب ولكن ترفع بقدر الحاجة.

غير أن من رأيي أن وجود الآلات المكبرة للصوت اليوم يغني عن اتخاذ المأذنة كأداة للتبليغ لا سيما وهي تكلف المبالغ الطائلة، فبناؤها والحالة هذه مع كونه بدعة - ووجود ما يغني عنه - غير مشروع لما فيه من إسراف وتضييع للمال، ومما يدل دلالة قاطعة على أنها صارت اليوم عديمة الفائدة أن المؤذنين لا يصعدون إليها البتة مستغنين عنها بمكبر الصوت.

[الأجوبة النافعة ص ١٧ - ١٨]


(١) ولا ينافي هذا قول عبد الله بن شقيق التابعي:
«من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد وكان عبد الله يفعله».

أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٨٦/١ بسند صحيح عنه وذلك لما تقرر في علم الأصول أن قول التابعي: من السنة كذا ليس في حكم المرفوع بخلاف ما إذا قال ذلك صحابي فإنه في حكم المرفوع. [منه].
(٢) كما في حديث عروة بن الزبير قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن يوم الفتح فوق الكعبة أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٨٦/١ بسند صحيح عنه إلا أنه مرسل. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>