متغايران , فلا يعقل أن يكون لأهل العراق , وهم أهل المشرق , ميقاتان مع ضعف حديث العقيق. وعلى هذا ـ فما قاله ابن عبد البر ـ كما نقله المصنف:«هو أحوط من ذات عرق». ليس بجيد , لأن الاحتياط إنما هو فى اتباع السنة , لا فى مخالفتها والازياد عليها وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله لرجل أراد أن يحرم قبل ذى الحليفة: لا تفعل , فإنى أخشى عليك الفتنة , فقال: وأى فتنة فى هذه؟ ! إنما هى أميال أزيدها! قال: وأى فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! إنى سمعت الله يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}. وكل ما روى من الأحاديث فى الحض على الإحرام قبل الميقات لا يصح بل قد روى نقيضها , فانظر الكلام على عللها فى «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة»«رقم ٢١٠ ـ ٢١٢».
[إرواء الغليل تحت حديث رقم (١٠٠٢)]
هل يُسن الإحرام من بيت المقدس؟
[روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال]: «من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له الجنة». ضعيف.
[قال الإمام]:
ثم إن الحديث قال السندي وتبعه الشوكاني: يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات. قلت: كلا، بل دلالته أخص من ذلك، أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، وأما غيره من البلاد فالأصل الإحرام من المواقيت المعروفة وهو الأفضل كما قرره الصنعاني في «سبل السلام»«٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩»، وهذا على فرض صحة الحديث، أما وهو لم يصح كما رأيت، فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم، لما سبق بيانه.