بحجة سوى أن الرسول عليه السلام كان يصلي في المصلى، فصلاة الرسول في المصلى لا ينافي إجازته للصلاة على الجنازة في المسجد، ولكن كل ما في الأمر أن جل الصلوات التي صلاها صلاها في المصلى وقليل من الصلوات التي صلاها صلاها في المسجد؛ ولذلك يؤخذ بما واظب عليه كأفضل، ويؤخذ بما لم يواظب عليه بيان الجواز كجائز؛ وبهذا يكون التوفيق بين فعلي الرسول عليه السلام، الفعل الكثير في المصلى والفعل القليل في المسجد، حينئذٍ يأتي حديث أبي هريرة فلا شيء له لبيان ما ذكرته لك أن الأصل الصلاة الفريضة أن تصلى في المسجد هو الأفضل، فدفعاً لمثل هذا التوهم لا سيما وقد فعل الرسول عليه السلام، أي: صلى على الجنازة في المسجد فلا شيء له كأجر زائد على الصلاة في المصلى.
(الهدى والنور / ٢٨/ ٥٢: ١٩: ٠٠)
[جواز الصلاة على الميت وهو في قبره]
عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «صلى على مَيِّتٍ بعد موتِهِ بثلاثٍ».
[قال الإمام]:
يشهد له أحاديث؛ أقواها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد، فماتت، ففقدها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عنها بعد أيام؟ فقيل: إنها ماتت. فقال:«هلا كنتم آذنتموني؟ ». فأتى قبرها وصلى عليها. رواه الشيخان، وغيرهما كابن ماجه والبيهقي والسياق لهما، وهو مخرج في «أحكام الجنائز»«١١٣ - المعارف».
ففيه أنه صلى عليها بعد أيام من موتها، فهي ثلاثة أو أكثر؛ ففيه جواز الصلاة على الميت وهو في قبره، وأن ذلك لا يشمله النهي عن الصلاة إلى القبور؛ كما هو مبين في غير هذا الموضع، وأن الجواز لا يقيد بيوم أو ليلة، وإنما بعلمه الحادث بالوفاة والدفن. وقد أفاض الحافظ المغربي ابن عبد البر في كتابه «التمهيد»«٦/ ٢٧٩» في ذكر الأحاديث الواردة في الباب بأسانيدها- كما هي عادته- وبيان