يدل لذلك أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عمل عملا واظب عليه كما واظب على الركعتين اللتين قضاهما بعد العصر مع كون الصلاة في ذلك الوقت منهيا عنها ولو فعل العشرين ولو مرة لم يتركها أبدا، ولو وقع لم يخف على عائشة حيث قالت ما تقدم.
قلت: وفي كلامه إشارة قوية إلى اختياره الإحدى عشرة ركعة ورفضه العشرين الواردة في حديث ابن عباس لضعفها الشديد فتدبر.
[صلاة التراويح ص ٢٢]
[اقتصاره - صلى الله عليه وسلم - على الإحدى عشرة ركعة دليل على عدم جواز الزيادة عليها]
تبين لنا مما سبق أن عدد ركعات قيام اليل إنما هو إحدى عشرة ركعة بالنص الصحيح من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا تأملنا فيه يظهر لنا بوضوح أنه - صلى الله عليه وسلم - استمر على هذا العدد طيلة حياته لا يزيد عليه سواء ذلك في رمضان أو في غيره، فإذا استحضرنا في أذهاننا أن السنن الرواتب وغيرها كصلاة الاستسقاء والكسوف التزم النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا فيها جميعا عددا معينا من الركعات وكان هذا الالتزام دليلا مسلَّما عند العلماء على انه لا يجوز الزيادة عليها، فكذلك صلاة التراويح لا يجوز الزيادة فيها على العدد المسنون لاشتراكها مع الصلوات المذكورات في التزامه - صلى الله عليه وسلم - عددا معينا فيها لا يزيد عليه، فمن ادعى الفرق فعليه الدليل ودون ذلك خرط القتاد. وليست صلاة التراويح من النوافل المطلقة حتى يكون للمصلي الخيار في أن يصليها بأي عدد شاء، بل هي سنة مؤكدة تشبه الفرائض من حيث أنها تشرع مع الجماعة كما قالت الشافعية، فهي من هذه الحيثية أولى بأن لا يزاد عليها من السنن الرواتب، ولهذا منعوا من جمع أربع ركعات من التراويح في تسليمة واحدة ظنا منهم أنها لم ترد واحتجوا «بأن التراويح أشبهت الفرض بطلب الجماعة فلا تغير عما ورد فيها». فتأمل كيف منعوا من وصل ركعتين بركعتين كل منهما وارد لأن في