الشيخ: بقيت هناك مسألة طُلب مني بيانها قبيل الصلاة وهي: كيف نتمكن من معرفة سمت القبلة ووجهتها حينما نكون في العراء أو في الصحراء، ليس هناك مسجد وُجِد في ذلك المكان، وقد يوجد المسجد ويكون قبلته منحرفة عن بيت الله الحرام، فما هي الطرق، ما هي الوسائل؟
تعلمون جميعاً أن ما يُعرف اليوم بالبوصلة وتعرف في زمن الأتراك حتى في البلاد العربية «بالقبلة نامة» اسم أجنبي طبعاً عن العربية، وهو ترجمته:«الدالة على القبلة» قبل أن توجد هذه الآلة كيف كان يعرف المسلمون الأولون وهم مسافرون ما بين مكة والمدينة والطرق متعرجة بهم بلا شك، وما بين المدينة وتبوك مثلاً في غزوة تبوك، كيف كانوا يعرفون اتجاه القبلة في تلك الصحارى والأرض القفر؟
ذلك يمكن بسهولة لمن كانت له عناية بأن يتعرف على معرفة وسائل الاهتداء إلى القبلة، مما لا شك فيه أن ذلك يختلف باختلاف مواقع البلاد التي نحن نكون فيها، فمثلاً: خروجهم من المدينة إلى تبوك، من الواضح لدى هؤلاء الناس جميعاً أنهم خرجوا شمالاً لكن لما ذهب الدعاة الإسلاميون إلى اليمن مثلاً كمعاذ بن جبل وعلي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري فهم يذهبون جنوباً، فيختلف حينئذٍ معرفة القبلة بين الذي توجه شمالاً وبين الذي توجه جنوباً، كما أنه يختلف الأمر بين الذي ذهب شرقاً وبين الذي ذهب غرباً، ومعنى هذا أن المسلم يجب أن يعرف بفطرته أو بعلمه الجهات الأربعة يجب أن يعرف الشرق والغرب والشمال والجنوب، وهذا ليس من علم الجغرافيا أو علم الفلك الذي ينبغي أن يتعلمه المسلم كما يتعلم سائر العلوم النظرية، هذه معرفة الجهات أمر فطري يشترك في معرفته القارئ والأمي؛ لأنه يرى الشمس تشرق من هاهنا وتغرب من هاهنا، وحينما تشرق يراها تميل إلى الجنوب وليست تميل إلى الشمال، ثم يراها أن ميلانها إلى الجنوب يختلف باختلاف الفصول، فهو مثلاً: في الصيف ... كما نحن في زمننا في وقتنا في يومنا هذا نكاد نرى الشمس فوق رأسنا في الظهيرة، بينما في الشتاء نرى