[الترخيص في صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي]
حديث ابن عمر وعائشة: (لم يرخص فى أيام التشريق أن يصمن , إلا لمن لم يجد الهدى). رواه البخارى. صحيح. وجملة القول أنه لم تصح هذه الزيادة أو معناها مرفوعا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بصريح العبارة , وإنما صح حديث ابن عمر وعائشة المذكور فى الكتاب , وهو ليس صريحاً فى الرفع , وإنما هو ظاهر فيه , فهو كقول الصحابى: «أمرنا بكذا» أو «نهينا عن كذا» فإنه فى حكم المرفوع عند جمهور أهل العلم , وهو الذى استقر عليه رأى علماء المصطلح. فانظر " الباعث الحثيث " «ص ٥٠».
وأما الطحاوى فادعى فى هذا الحديث أنه موقوف عليهما , وأن الرخصة التى ذكراها إنما هى فهم منهما واجتهاد فقال: " يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل فى كتابه «فصيام ثلاثة أيام فى الحج» فعدا أيام التشريق من أيام الحج , فقالا: رخص للحجاج المتمتع والمحصر فى صوم أيام التشريق لهذة الآية , ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج , وخفى عليهما ما كان من توقيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس من بعده على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك ".
قلت: وفى هذا الكلام نظر عندى من وجهين:
الأول: قوله: وخفى عليهما , فإنه ينافيه أن عبد الله بن عمر من جملة رواة التوقيف الذى أشار إليه , وقد تقدم حديثه فى جملة الأحاديث التى سقناها فى الحديث الذى قبل هذا , وهو الحديث «٨» منها.
الثانى: يبعد جدا أن يخفى عليهما ذلك , مع مناداة جماعة من الصحابة به فى أيام منى كما تقدم فى أحاديثهم.
الثالث: هب أنه فهم فهما من الآية , ففهم الصحابى مقدم على غيره لا سيما إذا لم يخالفه أحد , فكيف وهما صحابيان؟ وأما احتجاج الطحاوى لمذهبه بما أخرجه «١/ ٤٣١» من طريق حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلاً