للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شكر وتقدير]

كُلَّما تناولت قلمي فيأخذ موضعه بين أناملي لِأَكْتُبَ كلمةَ حمْدٍ وشُكْرٍ وإجلال لله رب العالمين، تَذَكَّرتُ رسالة منصور بن عَمَّار إلى بشر الحافي.

فقد كتب بشر الحافي إلى منصور بن عمار: «اكتب إليَّ بما مَنَّ الله علينا» فرد عليه منصور بن عمار في رسالة قال فيها: «أما بعد يا أخي، فقد أصبح بنا من نِعم الله ما لا نحصيه، في كثرة ما نعصيه، ولقد بقيت متحيراً فيما بين هذين، لا أدري كيف أشكره؟ ! لجميل ما نَشَر، أو قبيح ما سَتَر» (١).

«أسأل الله الكريم الذي به الضر والنفع، والإعطاء والمنع؛ أن يجعل عملي هذا لوجهه خالصاً، وأن يداركني بألطافه إذا الظلُّ أضحى في القيامة قالصاً، وأن يتجاوز عني إنه السميع العليم، وأن يرفع به درجتي في جنات النعيم، وأن يجعله ذخيرة لي عنده إنه ذو الفضل العظيم، وأن ينفع به من تلقاهُ بالقبول، إنه جوادٌ كريم، وأن يخفف عني كل تعب ومؤنه، وأن يمدَّني بحسن المعونة، وأن يهب لي خاتمة الخير، ويقيني مصارع السوء، وأن يتجاوز عن فرطاتي يوم التناد، ولا يفضحني بها على رؤوس الأشهاد، أنا ووالدي وأولادي، وأقاربي وأحبابي، ويحلنا دار المقام من فضله بواسع طوله وسابغ نوله، إنه هو الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم.

وهذا العمل ما كان في قدرتي، فإنني- والله- معترف بقصر الباع، وكثرة الزلل، ولكنَّ فضل الله لا يُعَلَّلُ بشيء من العِلل.

فلهذا رَجَوتُ أن أكون متصفاً بإحدى الخصال الثلاث التي إذا مات ابن آدم


(١) انظر «تاريخ بغداد» (١٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>