رأيت ما أخرجه البيهقي «٢/ ٥٩» عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم، فاشترط أن لا يسبقه بـ «الضالين» حتى يعلم أنه دخل الصف، وكان إذا قال مروان:«ولا الضالين» قال أبو هريرة: «آمين»، يمد بها صوته، وقال: إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم. وسنده صحيح. قلت: فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام: «ولا الضالين». ولما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره، فقد اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة، ومبينا أن معنى «إذا أمن الإمام فأمنوا .. »، أي: إذا بلغ موضع التأمين كما تقدم عن الحافظ، وهو وإن كان استبعده ابن العربي، فلابد من الاعتماد عليه لهذا الأثر. وعليه فإني أكرر تنبيه جماهير المصلين بأن ينتبهوا لهذه السنة، ولا يقعوا من أجلها في مسابقة الإمام بالتأمين، بل عليهم أن يتريثوا حتى إذا سمعوا نطقه بألف «آمين» قالوها معه. والله تعالى نسأل أن يوفقنا لاتباع الحق حيثما كان إنه سميع مجيب.
وفي هذا الأثر فائدة أخرى وهي جهر المؤتمين بـ «آمين»، وذلك مما ملت إليه في الكتاب الآخر لمطابقته لأثر آخر صحيح عن ابن الزبير، وحديث لأبي هريرة مرفوع تكلمت على إسناده هناك «٩٥٦» فراجعه.
السلسلة الصحيحة (٦/ ١/ ٧٨ - ٨١).
[خطأ مسابقة المأمومين للإمام بآمين]
الشيخ: قبل أن ننصرف، أرى من واجبي أن أُذكِّر إخواننا المصلين بخطأ يقع فيه جماهيرهم، وهو مسابقة الإمام بآمين، لعلكم تعلمون جميعاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:«إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».
وهذا الحديث وأنتم والحمد لله عرب، ولو أن اللغة العربية الفصحى ذهبت أدراج الرياح بالنسبة لأكثر الناس العرب اليوم، لكن لا يزال هناك في بقية فطرية،