مطابق لرواية أبي يعلى هذه، الصريحة بذلك. الثاني: أنه موافق للقواعد الحديثية من وجوب الأخذ بالزيادة من الثقة. الثالث: أنه يغنينا عن مخالفة الأصل الذي أشار إليه ابن دقيق العيد. الرابع: أنه على وزن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه». أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة أيضا. وهو مخرج في «صحيح أبي داود»«٧٩٤». فكما أن هذا نص في أن المقتدي يقول التحميد بعد تسميع الإمام، فمثله إذا أمن فأمنوا، فهو نص على أن تأمين المقتدي بعد تأمين الإمام. الخامس: أنه هو الموافق لنظام الاقتداء بالإمام المستفاد من مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر كبروا [ولا تكبروا حتى يكبر] وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: ... » الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة وأبي هريرة وغيرهما، وهو مخرج في المصدر السابق «٦١٤ و ٦١٨»، والزيادة لأبي داود. فكما دل الحديث أن من مقتضى الائتمام بالإمام عدم مقارنته بالتكبير، وما ذكر معه، فمن ذلك عدم مقارنته بالتأمين. وإخراج التأمين من هذا النظام يحتاج إلى دليل صريح، وهو مفقود، إذ غاية ما عند المخالفين إنما هو حديث أبي صالح المتقدم، وليس صريحا في ذلك، بل الصحيح أنه محمول على رواية سعيد هذه لاسيما على لفظ أبي يعلى المذكور أعلاه.
السادس: أن مقارنة الإمام بالتأمين تحتاج إلى دقة وعناية خاصة من المؤتمين، وإلا وقعوا في مخالفة صريحة وهي مسابقته بالتأمين، وهذا مما ابتلي به جماهير المصلين، فقد راقبتهم في جميع البلاد التي طفتها، فوجدتهم يبادرون إلى التأمين، ولما ينته الإمام من قوله:«ولا الضالين»، لاسيما إذا كان يمدها ست حركات، ويسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه، ثم يقول: آمين فيقع تأمينه بعد تأمينهم! ولا يخفى أن باب سد الذريعة يقتضي ترجيح عدم مشروعية المقارنة خشية المسابقة، وهذا ما دلت عليه الوجوه المتقدمة. وهو الصواب إن شاء الله تعالى، وإن كان القائلون به قلة، فلا يضرنا ذلك، فإن الحق لا يعرف بالرجال، فاعرف الحق تعرف الرجال. ذلك ما اقتضاه التمسك بالأصل بعد النظر والاعتبار، وهو ما كنت أعمل به وأذكر به مدة من الزمن. ثم